تعود جذور الصراع بين الصرب والمسلمين في (كوسوفا) منذ هزيمة الصرب على أيدي المسلمين (في الفتح الإسلامي) عام 1389م
الرسول
صلى الله عليه وسلم
في
مكة أطهر بقاع الأرض أضاء الكون لـميلاد
النبي خاتم النبيين، حيث
وُلد يتيمًا في عام الفيل، وماتت أمه في سنٍّ مبكرة؛ فربَّاه جدُّه عبد المطلب ثم
عمُّه أبو طالب، وكان يرعى الغنم ويعمل في التجارة خلال سنوات شبابه، حتى تزوج من
خديجة بنت خويلد
في سن الخامس والعشرين، وأنجب منها كلَّ أولاده باستثناء إبراهيم.
وفي سنِّ الأربعين نزل عليه الوحي بالرسالة، فدعا إلى عبادة الله وحده ونبذ الشرك،
وكانت دعوته سرِّيَّة لثلاث سنوات، تبعهنَّ عشرٌ أُخَر يُجاهر بها في كل مكان، ثم
كانت الهجرة إلى
المدينة المنوَّرة بعد شدة
بأسٍ من رجال قريش وتعذيبٍ للمسلمين، فأسَّس بها دولة الإسلام، وعاش بها عشر سنوات،
تخلَّلها كثيرٌ من مواجهات الكفار والمسلمين التي عُرِفَت بـالغزوات،
وكانت حياته نواة الحضارة
الإسلامية، التي توسعت في بقعةٍ جغرافيَّةٍ كبيرة على يد
الخلفاء الراشدين من بعده.
ملخص المقال
يعرض المقال إلى استخدام الإعلام في محور جديد هَدَفَ كفار قريش إلى تشويه مبادئ الإسلام، والطعن في أصل الرسالة، وإشاعة القول: إنه يدعو إلى خرافة ليست
أهم مقتطفات المقال
كانت هذه محاولات حقيقية لتشويه فكرة الإسلام ومبادئه، وتزوير حقيقته وطبيعته، ووصفه بأوصاف لا تمتُّ له بصلة، وهي طريقة محفوظة من طرق أهل الباطل، وإن كانت أوصافهم تتغيَّر حسب الزمن؛ ولكن المبدأ واحد، والمنهج ثابت، فإذا كانوا يتهمونه آنذاك أنه دين يدعو لجعل الآلهة إلهًا واحدًا، أو دين يدعو لفكرة البعث غير المقبولة عندهم، أو دين يدعو لفك أوصال المجتمع وتقطيعه، فهم يقولون اليوم: إنه دين يدعو إلى الإرهاب، ويتَّسم بالرجعية والتخلُّف، ولا يُواكب المرحلة، ولا يُناسب طبيعة الظروف المعاصرة، ويدعم الجمود الفكري، وغير ذلك من الاتهامات الباطلة التي يُرَّوج لها الإعلام المضلِّل، وقد يخترعون في المستقبل اتهامات جديدة، ويُلقون بشبهات أخرى؛ ولكن تظلُّ الطريقة واحدة، والسُّنَّة ثابتة.
تحدثنا سابقًا عن دور الإعلام في الصد عن سبيل الله واستخدام الكفار له لتشويه الداعية لهذا الدين الحنيف وهو الرسول صلى الله عليه وسلم، وعن طريق الإعلام -أيضًا- وفي محورٍ جديدٍ هَدَفَ كفَّار قريشٍ إلى تشويه مبادئ الإسلام، والطعن في أصل الرسالة، وإشاعة القول: إنه يدعو إلى خرافة ليست حقيقية. فإذا لم يكن هناك اعتراض على شخص الداعية فهناك اعتراض على ما يأتي به الداعية، فكان الإعلام في مكة يطعن تارةً في شخص الرسول صلى الله عليه وسلم أو في شخص الداعية، وتارةً أخرى في صُلب الرسالة أو في الإسلام.
فوصفوا ما أتى به صلى الله عليه وسلم بقولهم: {إِنْ هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آَخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا} [الفرقان: 4]، وقالوا كذلك: {أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الفرقان: 5].
قالوا هذا مع كونهم يعلمون أنه أُمِّيٌّ لا يقرأ، ومع أنهم يعلمون سيرة حياته كلها، وأنه ما غادر مكة إلا قليلاً، وأنه في هذه المرات القلائل لم يكن يُغادرها بمفرده، فكيف تعلَّم كل هذا العلم، وكيف أتى بهذا القرآن؟!
ووصف القرآن الكريم حالهم هذا بقوله سبحانه وتعالى عنهم: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [النحل: 103].
وإضافة إلى ذلك أيضًا، فقد عملوا على تشويه فكرة التوحيد، وهذا التشويه قد يُلقي بأثره على بعض العوام؛ فقالوا: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا واحدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ}[ص: 5]، وكأنَّ المنطق يستدعي وجود آلهة كثيرة، مع أن هذا التعدُّد في الواقع ضدَّ المنطق والعقل.
وادَّعَوْا أن الله عز وجل هو الذي أراد لهم الشرك به؛ وبالتالي فالشرك -من منظورهم- عمل مشروع؛ قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ} [النحل: 35].
ومثل ذلك -أيضًا- عملوا على تشويه فكرة البعث؛ قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7) أَفْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآَخِرَةِ فِي العَذَابِ وَالضَّلاَلِ البَعِيدِ} [سبأ: 7، 8].
وحاولوا خداع البسطاء بأن هذا الدين لو كان حقًّا وخيرًا لوصل إلى الزعماء والقادة، بدلاً من وصوله إلى الشباب والأتباع؛ قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ} [الأحقاف: 11]، ويرى كثير من العلماء أن المقصود بالسابقين في كلام الكفار هم الموالي والعبيد [1]، ولكني أرى أنهم لا يقصدون الموالي والعبيد فقط، إنما يقصدون الشبابَ وصغارَ السن من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم؛ أمثال: عثمان والأرقم وسعد ومصعب وطلحة والزبير، حيث إن هؤلاء وإن كانوا من الأشراف والأغنياء فإنهم صغار وأتباع، ولا يملكون قيادة ولا زعامة، وليسوا من المؤثِّرين فكريًّا في مسيرة مكة، وبالتالي فزعماء مكة يستكبرون أن يلتحقوا بدينٍ شمل هؤلاء.
وقاموا كذلك بتشويه أخلاقيات وطبائع هذا الدين، فأخذوا يُشيعون عنه -على سبيل المثال- أنه دين يُفَرِّق بين المرء وزوجه، وبين المرء وأهله.. وهكذا، مع أنهم يُدركون أنه ما جاء دين يجمع الناس، ويُوَحِّد صفوفهم مثل دين الإسلام؛ فهو دين يبغي توحيد الناس على أساسٍ واحدٍ متينٍ، يستوي فيه أتباعه جميعًا، وهو أساس العقيدة، وهذا ما كانت تأباه قريش.
كانت هذه محاولات حقيقية لتشويه فكرة الإسلام ومبادئه، وتزوير حقيقته وطبيعته، ووصفه بأوصاف لا تمتُّ له بصلة، وهي طريقة محفوظة من طرق أهل الباطل، وإن كانت أوصافهم تتغيَّر حسب الزمن؛ ولكن المبدأ واحد، والمنهج ثابت، فإذا كانوا يتهمونه آنذاك أنه دين يدعو لجعل الآلهة إلهًا واحدًا، أو دين يدعو لفكرة البعث غير المقبولة عندهم، أو دين يدعو لفك أوصال المجتمع وتقطيعه، فهم يقولون اليوم: إنه دين يدعو إلى الإرهاب، ويتَّسم بالرجعية والتخلُّف، ولا يُواكب المرحلة، ولا يُناسب طبيعة الظروف المعاصرة، ويدعم الجمود الفكري، وغير ذلك من الاتهامات الباطلة التي يُرَّوج لها الإعلام المضلِّل، وقد يخترعون في المستقبل اتهامات جديدة، ويُلقون بشبهات أخرى؛ ولكن تظلُّ الطريقة واحدة، والسُّنَّة ثابتة.
ولم يكتفِ كفار قريش بإلقاء الشبهات، ومحاولة الظهور بشكل العقلاء الذين يُقارعون الحُجَّة بالحُجَّة، والدليل بالدليل؛ ولكن كثيرًا ما كانت تفلت ألسنتهم بالسوء، ويفقدون السيطرة على أعصابهم، وتَنطق أفواههم بالشتائم واللعنات، مخالفين بذلك أبسط قواعد التحاور، وتاركين أفضل صفات العقلاء والمحترمين، وما هذا إلا لأن حجتهم ضعيفة، وأدلتهم واهية، وبالتالي يضطرون إلى السباب؛ لعله يساعدهم في أزمتهم.
يروي ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110]، قَالَ: نَزَلَتْ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُخْتَفٍ بِمَكَّةَ، فَكَانَ إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ، فَإِذَا سَمِعَهُ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ وَمَنْ جَاءَ بِهِ؛ فَقَالَ اللهُ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ} أَيْ بِقِرَاءَتِكَ فَيَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ فَيَسُبُّوا الْقُرْآنَ، {وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} عَنْ أَصْحَابِكَ فَلاَ تُسْمِعُهُمْ، {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً}[2].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] انظر: الطبري: جامع البيان 22/108، 109، والقرطبي: الجامع لأحكام القرآن 16/190، وابن كثير: تفسير القرآن العظيم 7/278.
[2] البخاري: كتاب التفسير، سورة بني إسرائيل الإسراء، (4445)، ومسلم: كتاب الصلاة، باب التوسط في القراءة في الصلاة الجهرية بين الجهر والإسرار إذا خاف من الجهر مفسدة، (446).
التعليقات
إرسال تعليقك